موضوع: الأمواج العميقة في المحيطات الثلاثاء يوليو 28, 2009 2:19 pm
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم</STRONG>
ما أكثر المشككين بكتاب الله تعالى وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، وما أكثر الملحدين الذين يطرحون دعواهم الواهية منذ أول آية نزلت على النبي الكريم، وحتى عصرنا هذا. واليوم نشهد الكثير من المحاولات الهادفة إلى إقناع بعض ضعاف القلوب بأن القرآن العظيم هو كلام محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يحوي أي حقائق علمية في علم البحار!!
هؤلاء يعترفون بألسنتهم بأن الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه لم يركب البحر ولا مرة في حياته، ولم يكن لديه أي خبرة بأمور البحار والمحيطات، حتى إنهم يعترفون أيضاً بأن الزمن الذي عاش فيه رسول الله وهو القرن السابع الميلادي لم يكن لأحد علم بأعماق البحار.
القرآن يتحدث عن أعماق البحار
إننا نرى القرآن يتحدث كثيراً عن البحار وأسرارها! وهنالك العديد من الآيات التي تناولت علم البحار وتحدثت عن أشياء لا يمكن لبشر أن يعلمها في ذلك الزمن، ومن هذه الآيات حديث القرآن عن الأمواج العميقة في البحار.
يقول تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) [النور: 40]. والبحر اللجي هو البحر العميق كما في التفاسير. إذن الآية تتحدث عن موج تحت البحر ومن فوقه موج على السطح، فهل كشف علماء البحار حقائق تثبت صدق هذا الكلام؟؟
لقد تناول العديد من علمائنا المحدثين حفظهم الله تعالى أمثال الدكتور زغلول النجار والشيخ عبد المجيد الزنداني هذه الآية وأكدوا أن علماء البحار اكتشفوا أمواجاً داخلية في البحار العميقة. ولكن بعض الملحدين لم تقنعهم هذه التأكيدات بحجة أن الآية تتحدث عن أشياء عامة، ولا تتناول اكتشاف العلماء. ويقولون إن التسمية الدقيقة لما وجده العلماء في أعماق المحيطات هي التيارات المائية العميقة وليس الأمواج العميقة كما يقول القرآن!!
بل إن علماء الغرب يصنّفون التيارات البحرية إلى تيارات سطحية وهي ما نسميه بأمواج البحر، وتيارات عميقة تحت سطح البحر، وهي ما سماه القرآن بالموج. والسؤال: أليس هذا هو بالضبط ما تتحدث عنه الآية الكريمة في قوله تعالى: (مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ)؟؟ أليست الأمواج التي تحدث عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً هي ذاتها التي يحاول علماء القرن الحادي والعشرين الاستفادة من طاقتها؟
ووجدوا بأن ماء المحيط العميق يتجدد كل 1000 إلى 2000 سنة، وهذه التيارات ما هي إلا الآلية التي يتم بواسطتها تجديد المياه، ولولا ذلك لفسدت بحار الدنيا وانقرضت الحياة على الأرض، فتأمل رحمة الله بعباده؟
نحن نعلم بأن التيارات الهوائية أي الرياح سببها الاختلاف في درجات الحرارة، ونشاهد أيضاً أمواج المدّ والجزر على سطح البحار وسببها الاختلاف في الجاذبية التي يمارسها القمر بين الليل والنهار، وونعلم بأن الأمواج السطحية على سطح مياه البحر تسببها تيارات الرياح. ولكن ماذا عن الأمواج العميقة في البحار والمحيطات؟
إن سبب هذه التيارات المائية في أعماق المحيط هو الاختلاف في درجات الحرارة بين المياه العميقة وبين المياه السطحية، والاختلاف في درجة الملوحة أيضاً أي الاختلاف في الكثافة من نقطة لأخرى داخل البحر. هذه الاختلافات تسبب تيارات مائية مستمرة الحركة، هذه التيارات تنتقل عبر مياه المحيط على شكل أمواج!!
وهذا يعني أن التسمية القرآنية دقيقة جداً من الناحية العلمية، لأننا نرى يقيناً أن أي اضطراب يحدث في الماء سوف ينتشر عبر جزيئات الماء على شكل أمواج، سواء على سطح الماء أو في داخله، وهذا معلوم لمن درس هندسة ميكانيك السوائل! وفي هذا ردّ على منتقدي القرآن والقائلين بأن التيارات المائية العميقة تختلف عن الأمواج العميقة، لأنه في حقيقة الأمر التيار المائي هو نفسه الموجة المائية
إن القرآن العظيم لا يتحدث إلا عن حقائق يقينية واقعة، وبما أن الله تبارك وتعالى قد وصف لنا حالة من يعيش تحت أمواج البحر العميقة، وحاله هي: (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا). وتعهد بأنه سيرينا آياته رؤية حقيقية ليتبين لكل مشكك بالقرآن أن القرآن حق: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) [فصلت: 53].
وهذا يعني أنه لا بدّ سيأتي زمن يتأكد فيه الملحد من صدق هذه الآية ويدرك هذه الحقائق إدراكاً يقينياً، وكيف يتأكد يقيناً من صدق هذه الحقيقة العلمية إذا لم ينزل لأعماق البحر ويرى الظلمات ويرى الأمواج أيضاً؟
وتأمل معي الأسلوب الراقي جداً الذي يتعامل فيه القرآن مع أعدائه. فهم ينكرون كلام الله ويشككون بصدق رسوله ورسالته، وهو سبحانه وتعالى يصف لهم أعمالهم الواهية ويعطيهم تشبيهاً علمياً دقيقاً لها! وكأن الله عز وجل يقول لهم انظروا إلى أعمالكم الخاطئة لن توصلكم إلى شيء! فهي كالسراب الذي لن يوصل من يتبعه إلى شيء، وهي كإنسان يعيش تحت بحر عميق يعاني ظلمة البحر وظلمة الماء البارد، ويعاني الضغوط الهائلة التي يمارسها عليه الماء، فكيف ستكون حياته؟
إن هذه الحياة بلا شك تشبه الاضطرابات التي تسببها التيارات العميقة في أعماق المحيط، فإذا أدركتَ أيها الملحد حجم هذه الاضطرابات، فلا بد أنك ستدرك أن أعمالك مضطربة أيضاً، وليست على شيء ولن توصلك إلا إلى الله تعالى ليوفيك حسابك: (وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) .